شرح كتاب لمعة الاعتقاد
الايمان باليوم الاخر
اتمنى لكم الفااااااااائدة
الإيمان باليوم الآخر وما فيه من مواقف
......
الإيمان بفتنة القبر وسؤال الملكين
يقول المصنف رحمه الله تعالى: [وفتنة القبر حق، وسؤال منكر ونكير حق]. فتنة القبر هي سؤال القبر، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن هذه الأمة تفتن في قبورها)، أي تسأل، وورد أيضاً سؤال منكر ونكير، فكل إنسان يُسأل في قبره، والصحيح أنه عام لهذه الأمة ولغيرها، فيسأل الإنسان ملكان أحدهما منكر، والآخر نكير، يسألانه ثلاثة أسئلة: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فالمؤمن يجيب إجابات صحيحة، والكافر أو المنافق يقول: ها ها لا أدري! كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة، ومنها حديث البراء بن عازب الطويل، الذي ذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم رحلة الموت بطولها. وتسمية منكر ونكير ورد في حديث صحيح رواه الترمذي وغيره، ومن ثمَّ فلا مانع من أن نقول: يأتيه ملكان: أحدهما منكر، والآخر نكير. وقد ورد أن الشهيد في سبيل الله إذا مات لا يفتن في قبره، وورد أيضاً أن المرابط في سبيل الله إذا مات وهو مرابط لا يفتن في قبره، وهؤلاء يستثنون من فتنة القبر، نسأل الله الكريم من فضله. والمرابط هو المرابط في ساحات القتال، ولقد كانت الأمة الإسلامية إلى عهد قريب لها ثغور على حدود الممالك الإسلامية، وكان يقيم فيها المسلمون ثغوراً يرابطون فيها للجهاد في سبيل الله، فيذهب الواحد منهم يرابط هناك ستة شهوراً، أو سنتين، أو ثلاث سنوات، ثم يرجع إلى أهله، وهكذا، وهذا كله من باب إحياء الجهاد في سبيل الله تعالى الذي محي وأوقف هذه الأيام إلا ما عصم ربي.
الإيمان بالبعث بعد الموت
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [ والبعث بعد الموت حق ]. البعث لغة: الإرسال، وفي الاصطلاح: إحياء الناس وبعثهم من قبورهم يوم القيامة للحساب والجزاء. وهذا البعث حق، وقد وردت أدلته الصريحة في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وأحب أن أنبه هنا إلى أن الأدلة القرآنية على إثبات البعث بعد الموت كثيرة جداً، وهي أكثر مما ورد من الأحاديث النبوية، يعني: أن من تأمل أدلة البعث يجد أن الذي ورد في السنة منها قليل، لكن ما ورد في القرآن العظيم فهو كثير. ولقد تنوعت أدلة القرآن العقلية على إثبات البعث بعد الموت، منها: الاستدلال بإحياء الأرض الميتة، كقوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى [فصلت:39]، وهكذا في آيات كثيرة جداً في القرآن يستدل بإحياء الأرض الميتة على قدرة الله تعالى على البعث وإحياء الناس من قبورهم. ومنها دليل البدء على الإعادة: فإن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان من عدم، فهو قادر على أن يعيده مرة أخرى، كما قال تعالى: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ [يس:79]، وهذا دليل عقلي واضح جداً، أي: أن الذي أحياها أول مرة قادر على أن يعيدها مرة أخرى، ولهذا قال تعالى في آية أخرى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الروم:27]، وقوله: (أهون) هذا بالنسبة للبشر، أما بالنسبة لله تعالى فإن كلا الأمرين هين عليه تعالى؛ فلا فرق بين الأمرين. ومنها الاستدلال بخلق الشيء الكبير على الشيء الصغير: كقوله تعالى: لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [غافر:57]، وقوله: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ [يس:81]. وهكذا جاءت الأدلة كثيرة، بل جاءت الأدلة بشواهد عينية، فالإنسان ينام ويغيب عن الدنيا، ثم يصحو، وهذا بعث، كما قال تعالى: فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى [الزمر:42]. وكذلك أيضاً: ذكر قصص أناس ماتوا فأحياهم الله، مثل أصحاب الكهف، ومثل إحياء صاحب الحمار الذي مر على قرية وقال: أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ.. [البقرة:259] إلى آخر الآية، ومثل صاحب البقرة من بني إسرائيل. المهم أن الأدلة القرآنية كثيرة جداً، وهي أدلة عقلية صريحة في إثبات قدرة الله سبحانه وتعالى للبعث؛ ولهذا قال أهل السنة الجماعة: والبعث بعد الموت حق.